• 2022-04-16

الشيخ علي جمعة شهاب رحمه الله عنوان الطِّيبة والنقاء

لا أحسب أن أحداً في هذه الحياة مرّ بشخصية الفقيد العزيز العم الشيخ علي جمعة شهاب رحمه الله ولم يتأثر به. فما إن تلتقيَه حتى يترك في قلبك سعادة من حسن كلامه وسؤاله عنك وتقديره لك وابتسامته التي لا تفارق وجهه بعاطفته الجياشة الصادقة ومحبته الغامرة.
إنه صاحب شخصية جاذبة ومبجَّلة مهيبة الجانب في الوقت نفسه بما حباه الله من هبات كثيرة في حياته التي سخَّر فيها ماله ووقته وجهده في ابتغاء ما عند الله والآخرة. ويده العليا في الخير سخية معطاءة تفتّش عن المحتاجين في كل مكان ولا تنتظر سؤالهم بل تذهب إليهم أينما كانوا.
برحيله رحمه الله وأحسن إليه تنتهي قصة عظيمة لرجل من رجالات الخير والإحسان يصعب تكرارها لأنه من الطراز الأول الذي لا يتكرر. ومحبة الصالحين كانت عنوان حياته وخدمة الفقراء وبيوت الرحمن كانا همَّه الأكبر. لذلك كله وأكثر مكّن الله حبه في قلوب الكثيرين ممن عرفوه وخالطوه قبل أن يحجزه عنهم المرض في سنواته الأخيرة رحمه الله.
كان حلم حياته الذي يتكلم عنه دائما كلما التقيتُه هو أن يبني جامعاً في (البرهامة) وهي القرية التي عاش فيها وعائلته وأولاده. وقد نذر نفسه لهذا المشروع الخيِّر الذي واجهته كثير من العقبات في طريق افتتاحه بالرغم من أنه كان جاهزا منذ سنوات عدة حتى شاء الله أن يتم افتتاحه مؤخرا وقبل أيام قليلة من وفاته رحمه الله وغفر له.
وقد أكرمني الله تعالي في منتصف تسعينيات القرن الماضي أن أكون إماما لجامع إبراهيم خليل كانو بالقفول لمدة ثماني سنوات، وكانت من أجمل أيام حياتي حيث تنعمت فيها برفقة جيل فريد من أمثال الأستاذ المربي محمد صالح عبدالرازق القحطاني أطال الله في عمره والشيخ الوجيه علي العوضي رحمه الله ومعهم الشيخ علي جمعة شهاب رحمه الله تعالى وغفر له، وقد كانوا جميعاً بحق نِعْم القدوات ويشتركون في ذات الصفات التي يعجز اللسان عن وصفها من الطِّيبة والخُلُق العظيم والالتزام والسمت المتميز والبذل والعطاء.
وكان الشيخ علي جمعة يحب الاقتراب مني بعد الصلوات للسؤال عني، وكانت روحه مرحة فيحب الممازحة بصوته الهادىء الذي لا تكاد تسمعه. وكان ذا روح صافية نقية وقلبه نابض بالإيمان معلق ببيوت الرحمن. وثمة سنوات قضاها في العمل الدؤوب والإتقان في القطاع الخاص ثم في العمل الحر، فسل عنه فسينبئك عن طِيْب معدنه كل مَن عمل معه وعامله رحمه الله رحمة واسعة.
وبالتأكيد لن توفي سيرته العطرة سطور قليلة، وما أوردتُه هو غيض من فيض نبله وعطائه، ولا نملك في هذا الموقف إلا الدعاء إلى الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته. فاللهم اغفر لعبدك علي جمعة شهاب وارحمه، وارفع درجته في المهديين، واخْلُفه في عقِبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونوِّر له فيه‏. اللهم آمين وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين.